في البدء كانت الأنثى..بقلم: سعاد فهد المعجل


دور الأنثى رسَّخته علوم الأحياء والخلايا والجينات.. ولكن تم اختطافه وتهميشه.
هل يصيبك الهلع إذا ما أدركت أن جسدك وخلاياك الحالية لم تكن موجودة منذ خمسة أعوام فقط؟! أي ان الشخص الذي كان أنت منذ خمس سنوات ليس هو الشخص ذاته اليوم.. هذا بالطبع فسيولوجيا وجسمانيا. وان الإنسان يفقد يومياً حوالي 8 ملايين كرية دم حمراء.. تموت كل ثانية في جسم الانسان، وتنتج عنها خلايا جديدة بالعدد نفسه! وان هنالك 100 تريليون خلية في جسم الإنسان.. تموت وتتجدد جميعها كل خمسة أعوام!
المثير أكثر هنا، والذي قد يشكّل مصدر إزعاج لأعداء المرأة، ودعاة قمعها واعتبارها بنصف عقل وبقدرات ناقصة.. ان من يشرف على عملية موت وخلق خلايا جديدة كل يوم في جسم الانسان هو حمض نووي DNA أنثوي.. بمعنى آخر ان الأنثى بداخل كل منا هي من تشرف وتدير مسألة الحياة.
في عام 1890 اكتشف العالم الالماني ريتشارد آلتمن الحمض النووي الانثوي هذا، وأطلق عليه اسم Mitochondria.. لكن الإقرار علميا بدوره في عمليتي موت الخلايا وخلقها لم يترسّخ الا في عام 1949، حيث ثبت علميا ان هذا الحمض الانثوي هو المسؤول عن خلق طاقة الخلايا.. وهو المتحكم في مصيرها، وحيث يصدر يومياً أمراً بإتلاف ما يقارب عشرة مليارات خلية واعطاء الاوامر لنشوء خلايا جديدة، بدلاً من تلك التي تم إتلافها.
دور الأنثى.. الذي يرسّخه كل يوم علم الأحياء.. وعلم الخلايا والجينات، هو دور تم اختطافه وتهميشه، وبشكل ادى الى ولادة ثقافة ووعي خاطئ، رسخته اعراف وتقاليد اجتماعية.. وضعت الانثى في ذيل الهرم المجتمعي، مثل هذه الثقافة التي تسود العالم اليوم. ولا نستثني منه عالما متقدما او حضاريا.. اصبحت في مرمى العلم الحديث الذي اصبح ينقب عن دور الانثى الحقيقي والمغيّب تحت أكوام من الخرافة والعادات والتقاليد!
لقد كرّمت الطبيعة الانثى.. وأفردت لها اغلب الحضارات البشرية القديمة مساحة هائلة من التقدير.. فكنت اغلب الآلهة من الإناث.. وتميزت ملكات تلك الحقبة من التاريخ البشري بالحكمة والنضج.. قبل ان تنقلب الصورة.. وتسود مرحلة الذكورة التي تستقي منها «داعش» وغيره أحكامها!
سعاد فهد المعجل
Suad.almojel@gmail.com

Post a Comment

أحدث أقدم