تتميز الانظمة الظالمة و المستبدة التي تعتمد
على القمع و العنف المفرط و السجون و المشانق لتثبيت دعائم حکمها الممقوت، بأنها
أنظمة مکروهة و مرفوضة ليس من جانب شعوبها فقط وانما من قبل الانسانية و کل
المبادئ و القيم النبيلة و في مقدمتها القيم السماوية، ومن يتمعن و يدقق في هذه
الانظمة، يجد أن هنالك أشبه مايکون بحالة من التسابق و التنافس فيما بينها من أجل
إحرازها للمرتبة الاولى في مجال فنون القمع و الاستبداد و مصادرة حقوق الشعب، ولئن
ألقينا النظرة على المسار التاريخي و المراحل المختلفة لها، لوجدنا أنظمة قمعية کان
على رأسها طغاة أمثال نمرود و نيرون و هتلر و غيرهم، أما في العصر الحديث و خصوصا
منذ أکثر من 36 عاما، فإن نظام ولاية الفقيه في إيران يحوز على مرتبة النظام
الاکثر قمعا و إستبدادا و بطشا بشعبه و بإمتياز.
هذا النظام الذي لم تسلم من شره حتى الطبيعة في
إيران، حيث شهد و يشهد العالم جفاف أنهر و بحيرات في إيران بسبب السياسات
الاستبدادية التي تنعدم فيها أبسط أنواع الرحمة، کما هو الحال في بحيرة اروميە و
نهر کارون بالاضافة الى ظاهرة التصحر التي بدأت تغزو العديد من المناطق من إيران،
هو أيضا قد فتك بالرجال و الشباب و الشيوخ و النساء و القوميات و الطوائف و
الاديان بکل قسوة و وحشية، وبعد أن فرغ من أمر الجميع بما فيها الطبيعة، فقد وجد
أن الطفولة لوحدها قد سلمت من شره المستطير ولذلك فقد أبى على نفسه أن يتم إستثناء
الطفولة الايرانية من جوره و بطشه، ولذلك فقد بادر لهذا الامر أيضا ليثبت
بإن بإمکان ظلمه أن يشمل کائن من يکون في إيران.
تصور البعض بأن نظام ولاية الفقيه يسير على خطى
تنظيم داعش من حيث قيامه بتدريب الاطفال و زجهم في الحروب و النزاعات، هو بقناعتنا
تصور في غير محله، لأن نظام ولاية الفقيه قد قام بالتأسيس لهذا النهج المرفوض شرعا
لأنهم"أي الاطفال"، مرفوع عنهم القلم طالما لم يبلغوا الحلم و إنهم
لايدرکون ماهم مقدمون عليه، وإن إرجاع الذاکرة للخلف و تحديدا مع بداية الحرب
العراقية- الإيرانية (1980-1988)، حيث تم إرسال آلاف الأطفال الإيرانيين للجبهات
كمتطوعين في صفوف الحرس الثوري، حيث قتل الكثير من هؤلاء الأطفال في الجبهات، كما
وقع المئات منهم في الأسر لدى القوات العراقية، وقد أطلقت بغداد سراح العديد منهم
آنذاك، بأمر من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بعد تدخل العديد من المنظمات
الإنسانية الدولية، كالصليب الأحمر، وحتى أن الميليشيات التابعة لنظام ولاية
الفقيه و التي تقوم بدورها بإستخدام الاطفال و زجهم في آتون الحروب و المواجهات،
إنما تفعل ذلك وفق لأوامر و توجيهات صادرة إليها من طهران.
ظاهرة زج الاطفال الايرانيين في الحروب و
المواجهات، عادت من جديد الى الواجهة بعد أن أقامت بلدية مدينة مشهد وهي من کبريات
المدن الايرانية،برنامجا للتدريب القتالي للأطفال تحت عنوان "مدينة الألعاب
القرآنية والمقاومة"، وتحت إشراف رجال دين من الحوزات الشيعية، لتهيئتهم
للقتال مستقبلا مثلما يفعل تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا بتجنيده للأطفال،
والذين في الحقيقة يقومون بتقليد نظام ولاية الفقيه من هذه الناحية، والذي يثير
السخرية و الاستهجان و يدعو للتقزز أنه ووفقا للموقع الرسمي لبلدية مشهد، فإن
"هذا البرنامج الذي بدأ منذ أيام يهدف إلى تعريف الأطفال بمفاهيم المقاومة
والحرب والدفاع المقدس ومعرفة العدو ومحاربة السعودية وأميركا"، أي يضعون
السعودية کعدو رئيسي الى جانب أمريکا التي هم يتهافتون من أجل نيل حظوتها و إبقاء
جسور التواصل و المودة قائمة معها على قدم و
ساق لکنهم و لحقدهم الاسود و البغيض على السعودية لأسباب قومية و طائفية بحتة
فإنهم يعتبرونها العدو الاول لهم و يربون و يوجهون الاطفال الابرياء بهذا السياق
المنافي للشرع و الانسانية و لکل القيم و المبادئ المتعارف عليها.
إننا من موقعنا الاسلامي والعروبي نرى أن حزب
الله في لبنان واتباع ايران في العراق والبحرين واليمن يقومون بتعبئة وتجنيد
الأطفال وغسل ادمغتهم- وهم المرفوع عنهم القلم ولاتكليف عليهم-واستغلالهم في الحرب
العبثية واستخدامهم كآلة ضد أهلهم واخوانهم في اوطانهم ممايستدعي منا تقديم شكوى
عاجلة ضد نظام ولاية الفقيه في إيران واتباعه في لبنان والبحرين واليمن والعراق
لدى الأمم المتحدة على كل من يقوم بتجنيد الأطفال وتحريضهم على الكراهية والعنف
واستخدامهم في الأعمال العسكرية ،ونؤكد على مسؤولية الأهل الشرعية(وقفوهم
إنهم مسؤولون) والتربوية بوجوب ردع أطفالهم عن هكذا أعمال وحرمة الانخراط في
صفوف أتباع إيران حتى لو تعددت المغريات وتنوعت المسميات كالكشاف وغيره حتى
لايقعوا في التهلكة الدنيوية والخسارة الاخروية.
اللهم إني قد بلغت اللهم اشهد.
*العلامة السيد محمد
علي الحسيني
الامين العام للمجلس الاسلامي العربي.
إرسال تعليق