
الدولة الاسلامية تحتجز الآلاف لاستعمالهم كدروع بشرية،
وحكومة البغدادي ترتاب في ولائهم مع انسداد طرق الهروب بسبب القصف وانقطاع
الإمدادات التموينية.
ميدل ايست أونلاين
|
بغداد – من دومينيك ايفانز وايزابيل كولز
|
في الوقت الذي تتأهب فيه القوات
العراقية لمحاولة استعادة مدينة الفلوجة يجد عشرات الالاف من المدنيين
أنفسهم محاصرين بين مقاتلي تنظيم "الدولة الاسلامية" المستعدين لاستغلالهم
كدروع بشرية وحكومة ترتاب في ولائهم.
وقالت ليز جراند
منسقة العمليات الانسانية للامم المتحدة في العراق إنه في ظل إجبار
الجهاديين لهم على البقاء وحصار القوات الحكومية وإغلاق طرق الهروب بسبب
القصف وانقطاع الإمدادات التموينية أصبح الخناق يضيق على السكان المدنيين.
ويوم
الاثنين الماضي أعلنت الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة بدء عمليات
عسكرية "لتحرير الأنبار" المحافظة الواقعة غربي بغداد والتي أصبحت مدنها
الواقعة على نهر الفرات منذ العام الماضي معاقل لتنظيم الدولة الاسلامية.
وقال مدرس يبلغ من العمر 42 عاما "منذ بدأت العمليات العسكرية أصبح من المستحيل الرحيل".
وأضاف
أن تنظيم "الدولة الاسلامية" "زرع قنابل عند مداخل المدينة ومخارجها وعلى
الطريق الرئيسي لمنع قوات الأمن من الدخول والمواطنين من الخروج".
وتتزايد صعوبة الاتصال مع الموجودين داخل الفلوجة باطراد.
وجاء
التقدم العسكري السابق من جانب بغداد لاستعادة تكريت من أيدي مقاتلي تنظيم
"الدولة الاسلامية" في ابريل/نيسان الماضي بعد أن فر أغلب المدنيين.
ويقول
قادة الفصائل الشيعية التي تقاتل ضمن صفوف الجيش العراقي إنه سيتم إجلاء
المدنيين في الفلوجة قبل الهجوم النهائي لكن السكان غير واثقين من ذلك وسط
جو من الخوف يسود الجميع.
وقال المدرس إن مئات المقاتلين
الذين قالوا إنهم جاءوا من سوريا ومدينة الموصل في شمال العراق نظموا هذا
الأسبوع استعراضا عبر الفلوجة. وأيدت مصادر أخرى ما ورد على لسان المدرس عن
سيطرة الدولة الاسلامية على الوضع سيطرة كاملة.
وحذر أئمة المساجد الناس من التعاون مع قوات الأمن كما ألقى إسلاميون محاضرات جهادية عقب الصلاة.
مصادرة أوراق
وقال
المحلل الأمني العراقي هشام الهاشمي إن الدولة الاسلامية صادرت هذا
الأسبوع أوراق هوية عدد يصل إلى 50 ألف شخص ومنعتهم من المغادرة. كما أنه
سيكون في غاية الصعوبة الهرب من الفلوجة التي سيطر عليها التنظيم في أوائل
العام الماضي أو في الرمادي القريبة منها.
وقال المدرس إن
الاسلاميين كانوا يحتجزون سكان المدينة في واقع الأمر رهائن "لاجتذاب
تعاطف جهاديين من مختلف أنحاء العالم" عندما وقع الهجوم الحكومي.
وقال
سائق سيارة أجرة (49 عاما) يعمل داخل المدينة إن صعوبة الحصول على الفاكهة
واللحوم والخضروات تتزايد منذ إغلاق الطرق المؤدية إلى المدينة. وقالت ربة
بيت تدعى أم اسماء إنها ترشد توزيع الغذاء على أسرتها خشية أن يطول
الحصار.
وما زال بعض الناس يتمكنون من الهرب وسط ظروف
خطرة من الفلوجة. وقد تحدثت رويترز مع أربع أسر قالت كلها إنها خرجت من
المدينة هذا الأسبوع.
وقال السائق أحمد عبدالرحمن (48
عاما) إنه خاطر وسط القصف العنيف عندما عثر على مخرج شمالي المدينة من أجل
احضار زوجته وطفليه قبل ثلاثة أيام.
وقال "مازلنا لا نصدق حتى الآن أننا خرجنا من الفلوجة. تركنا كل شيء خلفنا.. السيارة والبيت والأثاث."
ونجت
مشارف الفلوجة على الأقل من الضربات الجوية التي يشنها تحالف تقوده
الولايات المتحدة لأن القوات الحكومية المتقدمة صوب المدينة تتكون في
أغلبها من مقاتلي فصائل الحشد الشعبي الشيعية المدعومة من ايران.
غير
أن هناك دعما جويا لقوات الجيش العراق المتقدمة صوب الرمادي عاصمة
المحافظة والتي تقع في منتصف الطريق بين الفلوجة وبغداد وهرب منها الالاف
في ابريل نيسان ومايو ايار مع سيطرة الدولة الاسلامية على المدينة.
ولا
توجد أرقام مؤكدة عن السكان الباقين في المدينة. وقال هاشمي إن الفلوجة
مازال بها نحو نصف سكانها قبل الأزمة الذين كان عددهم يبلغ 370 ألف نسمة.
وتشير تقديرات أخرى إلى أن عدد الباقين أقل.
ارتياب
لكن حتى من يتمكن من الخروج بسلام من المنطقة يشكو من أنه يقابل بارتياب في العاصمة.
وقال
سعد جابر (41 عاما) "كل الطرق أغلقت وكأننا أعداء الحكومة". وأضاف أنه
أرغم على البقاء مع شقيقه في مدينة جنوبي الفلوجة لأنه لم يستطع الوصول إلى
بغداد.
وقال "كان من المفترض أن تكافئنا الحكومة
وتساعدنا لاننا تمكنا من الهرب من داعش" مستخدم الاسما الشائع للتنظيم
المتشدد. وأضاف "ليس خطؤنا أن الحكومة ضعيفة وعاجزة عن الدفاع عنا".
وتخشى
السلطات في بغداد- التي عانت من موجات متكررة من تفجيرات السيارات على
أيدي مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية- من إدخال طوفان النازحين المدنيين من
السنة خشية أن يتسلل متشددون بينهم.
وأدى هذا إلى منع آلاف مؤلفة من الناس من عبور جسر على نهر الفرات وسط حرارة الصيف القائظة.
وقالت
جراند منسقة الأمم المتحدة إنه رغم ان قدرا كبيرا من التركيز انصب على
المدينتين الرئيسيتين الأقرب من العاصمة في الأنبار فإن مدنا أخرى في وادي
نهر الفرات أقرب إلى سوريا معزولة بدرجة أكبر وتجد صعوبة في الحصول على
الغذاء.
وأضافت إن مدينة حديثة وهي من المدن القليلة في
الانبار التي تخضع لسيطرة الحكومة تعاني من عزلة متزايدة على أيدي مقاتلي
الدولة الاسلامية.
وتابعت "لدينا تقارير أن أسعار الغذاء تتزايد إلى درجة أن الأسر لم تعد تقدر على شراء السلع الاساسية".
وقالت
إنه في الوقت الذي تستعد فيه الأمم المتحدة "لما يرجح أن يكون صيفا في
غاية الصعوبة" للازمة الانسانية في مختلف أنحاء الانبار فإن الأموال
المتاحة لها تتناقص.
وأضافت إن "77 عيادة صحية على الخط الأمامي ستغلق أو تخفض نشاطها بدرجة كبيرة".
وحتى
إذا حققت قوات الأمن نجاحا في الرمادي والفلوجة فستواجه معارك أخرى وتقابل
ملايين آخرين من المدنيين في طريقها لاستعادة هدفها النهائي في شمال
البلاد وهو مدينة الموصل ثانية أكبر المدن العراقية.
وقالت جراند "ستتأثر الكثير من المدن. الوضع بالفعل يائس ويزداد سوءا".
إرسال تعليق