لا تحكم على الناس قبل ان تعرفهم ..بقلم: د. خالد عايد الجنفاوي

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” (الحجرات 6). يميل بعض الأفراد إلى اتخاذ حُكم مُسبق ضد الآخرين وخصوصاً من يختلفون عنهم في العرق واللون, وفي الدين والمذهب والثقافة. ولكن المنطق والعقلانية والتجارب الإنسانية المختلفة تؤكد ضرورة عدم الُحكم المُسبق على الآخرين قبل معرفتهم عن قرب, والاطلاع على طبيعتهم الأخلاقية. من يطلق أحكامه العاطفية والمعدة سابقاً ويُشكل انطباعاته تجاه الآخرين بشكل سلبي لا يمارس حياة إنسانية عادلة ومتكاملة, وينقصه استقامة الطبع والتسامح والمرونة. لا أملك الحق كفرد أن أضع كل من هو مختلف عني في قالب ثقافي جامد فقط لأنني أشعر أنه لا يشابهني, فيملك كل إنسان الحق بأن يكون مختلفاً حتى من أقرب الناس إليه. يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير”(الحجرات 13). فحري بالإنسان السوي أن يؤمن بتعددية التجارب الإنسانية, وأن الآخرين لابد لهم أن ينتموا إلى تجارب ثقافية وعرقية متنوعة, فالتعددية حقيقة بديهية تميز الوجود الإنساني بعامة, والإنسان السوي هو الفرد التقي والورع والمتسامح. ولا أعتقد أنني ابالغ إذا أكدت في هذا المقام أنه لا يستطيع أي إنسان الجزم حول طبيعة خلق وشخصية الإنسان الآخر من دون أن يعرفه عن قرب أو يتعامل معه بشكل شخصي. الانطباعات السلبية المسبقة ضد الآخر تقلل من فرص التواصل الإنساني الإيجابي والبناء, بل تجعل ذلك الفرد الذي يحكم بشكل سلبي ضد من لم يتحدث معهم إنساناً ضيق الأفق, تتناقض سلوكياته وتصرفاته السلبية مع تعددية الحياة الإنسانية, فلولا الاختلاف لما وجد التفرد الإنساني, ولولا تعددية الحياة البشرية لما أصبحت هناك حياة من الأساس. أرفض الحكم على الناس قبل أن أعرفهم, وذلك لأنني أدرك أنني سأظلم الآخر إذا اتخذت مسبقاً انطباعا سلبياً ضده, وأنا لم أتواصل معه, ولم أسمع منه أو أتعرف عليه عن قرب. لا يملك أحدهم القدرة على معرفة ما يحتوي في قلب وعقل الفرد الآخر, كما لا يملك أحدهم الحق في تصنيف الآخرين وبشكل سلبي وفق انطباعات عاطفية مُفرطة, لا تسندها براهين أو معلومات دقيقة تم استنتاجها من تجارب شخصية حقيقية. *كاتب كويتي

Post a Comment

أحدث أقدم