نظامنا التعليمي متهالك وجامد ومتخلف الى اقصى حدود التخلف وقفل لبوابات العقل والابتكار والتحليل والنقد والبحث ولا امل لنا بدخول عصر الحداثة والعلم وبناء دولة المؤسسات والمعرفة الا بنسف هذا النظام التعليمي برمته وخلق نظام تعليمي جديد من الحضانة الى الجامعة يؤسس لبناء عقل نقدي حر وابتكاري وابداعي وانتاجي وبحثي بعيدا عن سيطرة مناهج العقم والاجترار والحفظ والتلقين والاستظهار, وحشو من المعلومات التي فرغ التاريخ منها, وفكر اصفر صدئ يختزل الاسلام في مصالح حزبية ضيقة وقضايا فجة وقشرية يغيب فيها الفكر والوعي ويجعل ابناءنا وبناتنا كالعتالين الذين انقرضت مهنتهم بعدما حلت الالة والتقنية بدلا عنهم, وبعيدا عن اسلوب التلقين والسلق والحفظ والخرافات المتوارثة منذ الاف السنين والترديد الببغائي الذي يقتل ملكات الصغار والشباب وقدراتهم الابداعية العظيمة في بيئة مدرسية تصادر عقل وقلب الطالب, وتطوقه بسلاسل طويلة من التحريمات والممنوعات والاوامر والنواهي, فتختنق القدرة والوعي ويتحول الطالب في هذه الوحول التي يتخبط فيها الى مردد للاجوبة الجاهزة وليس ذلك الذي يطرح الاسئلة المحرجة والمحرقة والطازجة. ونبقى نجتر الحنين الى التغيير مما تراكم عبر سنين وعقود, استشرست فيها قوى التخلف وتسييس التعليم وألقته في وحول السياسة السلفية الظلامية التي تدمج العلم بالدين, وانتاج المعرفة على اساس سلطة النصوص, وتحول التراث الذي تم اختزاله في الدين الى هوية يمثل التخلي عنها وقوعا في العدمية وتعرضنا للضياع واصبحت مهمة العقل محصورة في توليد النصوص من نصوص سابقة مما جعل التراث الديني الاطار المرجعي الوحيد لكل معرفة ولكل ممارسة وسلوك. فنظام التعليم لدينا لا يسمح بالاختلاف وسلوك سبيل التساؤل والبحث فنحن امام نظام تعليمي بنيته الطابع القمعي والنزوع الى القهر والتلقين والاجترار واغتيال العقل وتسفيه لاي اجتهاد في قراءة التراث, وهو ما يكشف لنا العلة الكبرى في نظامنا التعليمي وحاله المتردية, مضافا اليها اوراما كثيرة لا تقل ارباكا وعبثا في نظامنا التعليمي. وسأحاول ان احدد بعض اسباب انتكاسة نظامنا التعليمي وخرابه في نقاط سريعة بما يقتضيه المقال: 1 ¯ خلط الدين بالسياسة, وتسييس العملية التعليمية لمصالج حزبية معروفة الاهداف . 2 ¯ غياب الستراتيجية العلمية المستمدة من الثورات الصناعية الكبرى في التاريخ ومحدودة الاهداف, وتفرق بين ماهو ديني وماهو علمي, وتكون هذه الستراتيجية مرتكزة على اقتصاد المعرفة وهي ثقافة المعلومات والاتصال من شبكات الانترنت والكمبيوتر, وتدريب وتعليم مستمر لمستخدمي تلك التقنيات وهذا بالطبع يحتاج الى قرار سياسي جريء ينسف كثيرا مما علق بعملية التعليم من خراب ودمار. 3 ¯ اعداد المعلم وتدريبه باستمرار ليواكب كل جديد في مجاله العلمي او الثقافي او الاجتماعي, ووضعه في الاطار القانوني الذي يحميه ويعطيه القيمة الاجتماعية ويوفر له الحماية الوظيفية كما يميزه عن الوظائف الادارية الاخرى. 4 ¯ اعادة النظر في اعداد المناهج الدراسية والتركيز على النوع والعلم بدلا عن الحفظ والتلقين, اي ان يكون المنهج متوافقا مع واقع البلد ومنفتحا على التجارب العلمية والفنية والثقافية الاخرى التي يبتكرها الانسان, ليكون متوافقا مع العصر ومتغيراته المتسارعة من حولنا. 5 ¯ تعميق معرفة الشباب بالعلم والثقافة والفن وفهم العلوم وتعميق المعرفة وتطوير اساليب الحياة, وتعميق الحرية وحق التعبير وواجب الانتماء للوطن وممارسة الديمقراطية بجوهرها الحقيقي وليس المطلي بشتى انواع الالوان المتنافرة. 6 ¯ تضييق الفجوة بين المرحلة الدراسية وما يليها لمد الجسور بين المراحل الدراسية المختلفة. 7 ¯ تحقيق التوازن بين حجم الكتاب والخطة الدراسية( السعة الزمنية) وساعات العمل للمدرس. 8 ¯ بذل اقصى الجهود لجعل البيئة المدرسية جاذبة للطالب بما تهيؤه له من نشاطات محببة له ومتوافقة وهواياته, لتكون هذه النشاطات متنفسا لطموحاته واشواقه التي قد لا يستطيع ان يوفرها له المنزل او الامكنة الاخرى. وهناك تفاصيل كثيرة يمكن ان تنتشل التعليم مما اصابه من ترد واهتراء وعفونة فاضحة, وفقك الله ياسعادة وزير التعليم في هذه المدة الزمنية القصيرة التي لا تتعدى السنة والنصف. * كاتب كويتي
إرسال تعليق