لم يطرأ في ذهن الذين أطلقوا خدمة “تويتر” للعالم أنه سيتم استعمالها في شيء آخر سوى للتواصل السريع والعملي والمختصر بين الأفراد عبر الأثير الإلكتروني, بل لا أعتقد أنه دار في خلد مخترعي هذه الخدمة الإلكترونية الجذابة أن “تويتر” سينشر الفتن والقلاقل والكراهية في المجتمع, بل من يفعل ذلك هو من يجلس أمام شاشة الهاتف الذكي و”الايباد” والكمبيوتر. أعتقد أنه يُعتبر إهداراً للوقت الثمين وللمساحة الحرة التي يوفرها “تويتر” حين يستعمله بعض المتعصبين والكارهين للآخر لنشر كراهيتهم ضد من يختلفون عنهم. ما الذي يجعل البعض يستغل وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الكراهية, العرقية والدينية والمذهبية والفئوية? وكيف تتم مكافحة خطاب الكراهية عبر نفس وسائل التواصل الاجتماعي? أعتقد أن من يستغل “تويتر” لنشر الكراهية والتفرقة العرقية والدينية والمذهبية والطبقية هو شخص متقوقع على نفسه, كان عليه الاستفادة من مساحة الحرية التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي لنشر ما هو إيجابي وذات قيمة فعلية في حياته اليومية. القدرة على نشر الكراهية ليست مهارة عبقرية, فما يتطلبه هذا الأمر هو وضع الحبل على غارب النوازع الشخصية وإتاحة الفرصة لكل أنواع الكراهية أن تنطلق في الفضاء الإلكتروني! لا توجد صعوبة في تنفيس أحدهم عن شعوره بالنقص تجاه من يختلفون عنه, لكن استثمار خدمة “تويتر” لنشر المحبة والتسامح والمودة والرحمة في المجتمع تبدو مهارة يصعب على البعض اكتسابها, فمن ترسخت الكراهية في قلبه وذهنه ضد ما يجهله سيصعب عليه فعل شيء آخر سوى ما يمليه عليه عقله الضيق وقلبه الأسود. يمكن مكافحة خطابات الكراهية عبر “تويتر” إذا كثر عدد المستخدمين الذين يدركون أن الكراهية تدمر المجتمع, وأن هذا النوع من الخطابات سيترك خلفه الألم والأحزان, وسيؤدي إلى نشر كل ما هو سلبي ومدمر. في عالم يكاد يمتلئ بالصراعات العرقية والدينية حري بالإنسان العاقل أن يبتعد بمجتمعه عن الفتن, بل لا أعتقد أنني أبالغ في هذا المقام إذا أكدت أن من يريد إظهار تميزه الإنساني عبر “تويتر” هو من سيأخذ على عاتقه مسؤولية نشر المحبة والود والتسامح عبر الأثير الإلكتروني. يمتلك الإنسان الحر خيارات متعددة في تشكيل طبيعة حياته اليومية, فالبعض يرغب فقط في إظهار قدرته على الانغماس في مزيد من الكراهية, والبعض الآخر أصحاب النوايا الحسنة يرغبون في مشاركة متابعيهم قدرتهم على التسامح في بيئة اللاتسامح. كاتب كويتي
إرسال تعليق