
مع استمرار تهدم أركان كيان الخلافة المزعوم، الذي أعلن عنه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» وتصدع جدرانه في أماكن كثيرة، بدأت ببعض المناطق السورية ومرت بالموصل وما زال الحبل على الجرار، لاقى المقترح الذي قدمته وزارة الخارجية الكويتية في مؤتمر التحالف الدولي للقضاء على «داعش» في واشنطن قبل أيام بتأهيل العائدين من التنظيمات الإرهابية ودمج هؤلاء المقاتلين في مجتمعاتهم، بعد خضوعهم لمحاكمات عادلة، قبولاً لدى عدد من الدعاة الذين أكدوا ان اعادة التأهيل أمر مطلوب ويجب دعمه.
فقد كشف الداعية الدكتور شافي العجمي لـ «الراي» عن «ترك كثير من الشباب الكويتي تنظيم (داعش) بعد محاورات قام بها معهم»، موضحاً بالقول «استطعنا بفضل الله وجهود السفارة الكويتية في تركيا الحفاظ على أرواحهم وارجاعهم ومنعهم من أن يكونوا وقوداً لهذا التنظيم».
وأوضح: «تنظيم داعش من التنظيمات العسكرية التي جاءت بالظلم والقتل والتدمير، وتظاهرت بنصرة الإسلام واقامة الخلافة الإسلامية»، منوهاً بأن «(داعش) مكون من ثلاث طبقات: الأولى هي طبقة الضباط البعثيين السابقين وهؤلاء لهم القيادة، والثانية هي طبقة الغلاة والخوارج الذين يؤمنون بتكفير أعضاء الشرطة والحكومات والأنظمة والشعوب، والثالثة هي طبقة البسطاء والسذج الذين يظنون ان الإسلام سينتصر على يد أبي بكر البغدادي وزمرته».
وتابع العجمي: «تكلمت عن (داعش) قبل دخوله سورية، وحذرت كذلك من بنت (داعش) وهي جبهة النصرة التي ذهبت لسورية بأمر من تنظيم داعش. ينبغي تأهيل كل من كان منضماً لداعش أو جبهة النصرة والحوار معهم».
وأشار العجمي إلى «تقدمه إلى الديوان الأميري مع عدد من الدعاة من بينهم الدكتور خالد المذكور والدكتور عجيل النشمي، بمشروع يحمل اسم اللجنة الوطنية لمواجهة فكر داعش، حيث تمت الموافقة عليه».
وشدد العجمي على ان «أي دولة دخل بها تنظيم داعش أو القاعدة لحقها الخراب والدمار»، مشيراً إلى ان «من بين أسباب تأثر الشباب بهذه التنظيمات عدم اعطاء فرصة لأهل العلم لبيان حقيقة داعش والتحذير منهم»، واعتبر ان «العلاج يكون من خلال الحوار لأن القوة وحدها لا تكفي رغم أهميتها».
وفيما أشاد بنجاح حملة السكينة للحوار مع المتطرفين والمطبقة في السعودية، نصح العجمي بالاستفادة منها، قائلاً «أنا متواصل معهم وقدمت لهم بعض الأفكار وهم يقومون بالحوار مع شخصيات عديدة داخل وخارج المملكة». واستدرك قائلاً «غالبية الدول التي قامت بالتأهيل لم تنجح لأن عملية التأهيل تمت على أيدي غير متخصصين». وأكد أن «الحوار يؤتي ثماره مع الطبقة الثالثة، أما الأولى والثانية فلا ينفع معهما إلا القوة وأكثر أتباع داعش من الطبقة الثالثة من الشباب الذي ذهب للعمل الإغاثي وتأثر بأفكار التنظيم».
إلى ذلك، قال الداعية حجاج العجمي لـ «الراي»: «من خلال ذهابي لسورية تلخص لي فكر داعش بأمرين اثنين وهما: تكفير الناس بغير حق وقتلهم بغير حق، وهذا هو ملخص الفكر الداعشي الذي أصله الجهل، وترتب عليه ان يتصدر القضاء والفتوى صغار سن لم يُعرفوا بعلم وكانت النتيجة تكفير الناس بغير حق».
وزاد «أؤيد وأثمن بقوة توجه وزارة الخارجية لتأهيل كل أصحاب الأفكار المنحرفة ونصحهم والتعامل معهم بأحسن أنواع التعامل، وابن عباس كان يحاور الخوارج ويبين لهم الحق، وعلى الدعاة والعلماء معاونة وزارة الخارجية»، لافتاً إلى انه «قد يقع انسان في الخطأ البين نتيجة شبهة وقعت في قلبه أو حماس أو عاطفة، ولذلك فإن التعامل الحسن والمجادلة بالتي هي أحسن ستكون نتيجتهما خيراً بإذن الله لعودة هؤلاء إلى الحق ورجوعهم عن الباطل».
وعما إذا كان له دورعلى المستوى الشخصي في مجادلة الدواعش وتبيان فساد فكرهم، أجاب حجاج العجمي بالقول «نعم، وكنت حريصاً في كل الدول التي سافرت إليها على هذه المناقشة، وبفضل الله تسببت هذه المناقشات في وقوعهم في دائرة الشك ودفعتهم للبحث الشرعي لمعرفة حقيقة هذا الفكر»، مردفاً بالقول «ما يحزنني هو جيل الشباب الذي لم يذهب لداعش إلا من باب العاطفة والحمية ونصرة المسلمين، ورؤوس الدواعش استغلوا هذه العاطفة عند الشباب المتحمس لجرهم لمثل هذه الأفكار».
وشدد على «ضرورة الابتعاد عن التعامل المبني على القمع والقهر مع العائدين من داعش وعدم التعرض لحياتهم الاجتماعية أو وظائفهم»، معللاً ذلك بأن «القهر يجعل هؤلاء العائدين يتبنون فكرة الانتقام».
واعتبر ان «الكويت هي أفضل الدول في التعامل مع من يحمل الأفكار المتشددة»، متوقعاً ان «التعامل الحسن سيخلق شيئاً من الوفاء عند هؤلاء العائدين تجاه دولتهم التي رعتهم».
وعن تخوف المجتمع من مخادعة هؤلاء الدواعش وتظاهرهم بأمور قد لا يكونون مقتنعين بها، مما يشكل خطورة فيما بعد على أمن البلاد، أجاب حجاج العجمي بالقول «هذه الأمور تظهر خلال عملية المناصحة وتُعد بها تقارير أمنية ونفسية وشرعية، تبين حالة كل شخص تمت معالجته وفقاً للبرامج الموضوعة، وكلنا ثقة في الجهاز الأمني والإصلاحي القائم على مثل هذه الأمور».
| كتب أحمد زكريا |
إرسال تعليق